للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: لا يجزئه إلا بعد الزوال، وهو قول ابن بطّة وأبي حفص العُكْبَريَّين (١). فمن لم يقفْ ــ عندهم ــ بعد الزوال فحجه باطل. قال أحمد في رواية عبد الله (٢) وأبي الحارث، وقد سئل عن الذي يَشْرُد به (٣) بعيرُه بعرفة، فقال: كلُّ من وطئ عرفةَ بليلٍ أو نهارٍ بعد أن يقف الناس بها (٤)، فقد تمَّ حجُّه إذا أتى ما يجب عليه. ويدخل على قول من قال: «يجزئه حجُّه إذا أُغمي عليه بعرفة» لو أن رجلًا أُغمي عليه في أول يوم من شهر رمضان حتى انسلخ عنه، فلم يأكل ولم يشرب= أنه يُجزِئه صوم رمضان، ولا يقضي شيئًا من الصلاة.

فقد قيَّد الوقوفَ المُجزِئ أن يكون بعدَ وقوف الناس بها، وأولُ وقت وقوفِ الناس زوالُ (٥) الشمس؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما وقف بعد الزوال، وهذه السنة الموروثة (٦) عنه المنقولة نقلًا عامًّا، فلو كان قبل الزوال وقت وقوفٍ لوقفَ فيه، ولم ينزل بنَمِرةَ، وهي خارجة عن المعرَّف، إذ المسارعة إلى العبادة أولى من التأخير.

ولأن مواقيت العبادات إنما تُتلقَّى من فعله - صلى الله عليه وسلم - أو قوله (٧). وإنما وقف


(١) كما ذكره القاضي عنهما في المصدر السابق.
(٢) في «مسائله» (ص ٢٣٨).
(٣) «به» ساقطة من ق.
(٤) «بها» ساقطة من المطبوع.
(٥) في المطبوع: «بعد زوال» خلاف النسختين.
(٦) في المطبوع: «المورثة».
(٧) ق: «وقوله».