للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنه أخَّر العبادة الواجبة عليه عن وقتها، فلزمه قضاؤها، كما لو فوَّت الصلاةَ والعباداتِ المنذورة عن أوقات معيَّنة؛ وذلك لأنه لما أحرم بالحج فقد وجب عليه شرعًا أن يفعله في عامه، كما تجب الصلوات والصيام في مواقيتها المحدودة، بخلاف المُحصَر فإنه لم يجب عليه إتمام الحج والعمرة، بل جاز له الخروج من الإحرام قبل الوقت، فهو نظير من جاز له ترك الجمعة والجماعة، أو ترك بعض [هيئات] الصلاة لعذر.

وقد علَّله بعض أصحابنا (١) بأنه لم يكمل أفعال الحج [بتفريطٍ منه]، فوجب عليه القضاء كالمفسد للحج.

وهذا ضعيف، لأن المريض ونحوه لا تفريط من جهته. ولكن أحسنُ من هذا [أن يقال: حصل منه] تركٌ [في ا] لعام للحج مع وصوله إلى المشاعر، فلزمه القضاء ... سد بالحج؛ وهذا لأن الحج في الأصل هو قصد المشاعر وإتيانها، [وقد وُقِّت] بوقتٍ مثل الشرط لهذا المقصود والتكملة له، كأوقات [الصلوات]، فإذا تمكّن من إتيان المشاعر ولم يتمّ الحج وجب عليه القضاء، [كمن دخـ]ـل رمضانَ فلم يصُمْ، أو دخل وقتَ الصلاة فلم يُصلِّ. وإذا [لم يتمكنّ من الوصول] إلى المشاعر فقد تعذَّر أصل الحج في حقه، فصار بمنزلة [من لم يستطع] إليه سبيلا، أو بمنزلة من لم يُدرك شهرَ رمضان ولا وقتَ [الصلاة].

[هذا، ولأن الاستطاعة شرطٌ في وجوب الحج، والوقت شرط لصحته،


(١) مثل القاضي في «التعليقة» (٢/ ٢٩٢).