للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: لا يجب، وهو اختيار أكثرهم. بل يجزئ أكثرها كالخف، لما روى المغيرة بن شعبة قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فتبرَّز لحاجة، ثم جاء فتوضأ ومسح على ناصيته وجانبي عمامته، ومسح على خفيه. رواه النسائي (١).

ولأنه بدل ممسوح رخصة، فلم يجب استيعابه كالخف، وإن كان المبدلَ منه (٢) هناك غَسلٌ يجب استيعابه وفاقًا. وبهذا يفارق الجبيرة، لأنها جُعلت كالجلد، فمُسحت في الطهارتين من غير توقيت.

وهذان الوجهان فرع على ظاهر المذهب، وهو وجوب استيعاب الرأس. فأما إن قلنا: يجزئ الأكثر أو قدر الناصية من الرأس ومن الناصية (٣)، فهاهنا أولى.

ويختصُّ محلُّ الإجزاء بأكوارها ــ وهي دوائرها دون وسطها ــ في أحد الوجهين، لأن وسطها باطن، فهو بمنزلة أسفل الخف. وفي الآخر (٤):


(١) برقم (١٠٩)، وأخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٤٢٦)، من طرق عن يونس، عن ابن سيرين، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة به.

رجاله ثقات، غير أنه اختلف فيه على ابن سيرين، حتى قال ابن خزيمة بعد أن خرجه (١٦٤٥): "إن صح هذا الخبر، يعني قوله: حدثني عمرو بن وهب، فإن حماد بن زيد رواه عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: حدثني رجل يكنى أبا عبد الله، عن عمرو بن وهب".
وانظر: "العلل" للدارقطني (٧/ ١٠٩)، وحاشية محققي "مسند أحمد" طبعة الرسالة (٣٠/ ٦٠ - ٦٣).
(٢) في الأصل والمطبوع: "أبان البدل منه"، ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب: "أو عين الناصية".
(٤) يعني الوجه الآخر. وفي الأصل: "الأخرى"، وفي المطبوع كما أثبتنا.