للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن الكلام محرَّم في الموضعين، والقهقهة محرَّمة في الصلاة خاصّة. الثاني: أن الصلاة تمنع الوضوء مما لا يمنع منه خارجَ الصلاة خشيةَ [١٠٦/أ] إبطالها. ولهذا يُنهى (١) الشاكُّ في وضوئه أن يبطل صلاته لأجل تجديد الوضوء، ويستحبّ لمن شكَّ في غير الصلاة. والمتيمِّم إذا رأى الماء يبطل تيمُّمه اتفاقًا، إلّا أن يكون في الصلاة، ففيه خلاف.

وهل يستحبُّ الوضوء من القهقهة؟ فيه وجهان:

أحدهما: يستحبُّ، لما روى أبو العالية قال: جاء رجل في بصره سوء، فدخل المسجد، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي، فتردَّى في حفرة كانت في المسجد، فضحك طوائف منهم. فلما قضَى صلاته أمَر من كان ضَحِك أن يعيد الوضوء والصلاة. رواه الدارقطني وغيره مرسلًا عن الحسن وإبراهيم والزهري، ومراسيلُهم كلُّها ترجع إلى أبي العالية، ومراسيلُه قد ضُعِّفت (٢).


(١) في المطبوع: «نُهي»، والمثبت من الأصل.
(٢) أخرجها من طرق مختلفة الدارقطني (١/ ١٦٢ - ١٦٧) وخطّأها كلها وصوب مرسل أبي العالية، ثم أسند عن عبد الرحمن بن مهدي قوله: «هذا الحديث يدور على أبي العالية»، وذكر سائر الطرق، وردها إليه، في حوار مع علي بن المديني.
وقال ابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٠٥) في سياق ترجمته: «أكثر ما نقم عليه من هذا الحديث حديث الضحك في الصلاة، وكل من رواه غيره فإنما مدارهم ورجوعهم إلى أبي العالية، والحديث له، وبه يعرف، ومن أجل هذا الحديث تكلموا في أبي العالية».
وقال الذهلي: «لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضحك في الصلاة خبر».
وانظر طرق الحديث وبيان عللها في: «السنن» للدارقطني (١/ ١٦١ - ١٧١)، «الكامل» (٤/ ١٠٠ - ١٠٥)، «السنن الكبرى» للبيهقي (١/ ١٤٧ - ١٤٨).