للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحيوان يدخل في (١) جميع أجزائه، وإنما يذكر اللحم خاصَّةً لأنه أغلب الأجزاء، ولهذا دخلت في مطلق اسم الخنزير. ولأنها أولى بالنقض (٢) من اللبن، وقد جاء فيه الحديث. ولأنه لما ذكر اللحم واللبن عُلِمَ أنه أراد سائر الأجزاء. ولأنها جزء من الجزور، فنقضت كاللحم. وقياسُ الشبه لا يفتقر إلى هاتين العلَّتين في الأصل، فإن المشابهة بين اللحم والكبد والسنام من أبيَن الأشباه، ولهذا اشتركا في التحليل والتحريم، والطهارة والنجاسة، والدُّسومة والزُّهومة.

وقولهم: الحكم تعبُّد (٣)، إن أريد به هنا مجرَّد امتحان وابتلاء، فلا يصح بعد إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التعليل. وإن أريد به أنا نحن لم نعتقد العلَّة فهذا مسلَّم لمن ادعاه لنفسه، لكن لا يمنع صحة قياسَ الشَّبَه، مع أننا قد (٤) [١١٢/ب] أومأنا إلى التعليل فيما تقدَّم، بما فهمناه من إيماء الشارع، حيث ذكر أن الإبل جِنٌّ (٥) خلقت من جِنٍّ وأنها شياطين، فأكلُ لحمها يُورث ضربًا من طباعها، ونوعًا من أحوالها؛ والوضوءُ يزيل ذلك الأثر. وهذا يشترك فيه اللحم وغيره من الأجزاء. ولعله ــ والله أعلم ــ كان قد شرع الوضوء مما مسَّت النارُ ــ إمّا إيجابًا وإمّا استحبابًا (٦) ــ لما يكتسبه (٧) من تأثير النار التي خُلِقت منها الشياطين، لكن أثر النار عارضٌ يزول، ولا يبقى


(١) كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الأقرب: «فيه».
(٢) في المطبوع: «بالبعض»، تصحيف.
(٣) في الأصل والمطبوع: «بعيد»، وهو تصحيف، وقد سبق مثله.
(٤) «قد» ساقطة من المطبوع.
(٥) في المطبوع: «حين»، تصحيف. انظر: «التلخيص الحبير» (١/ ٦٥٨).
(٦) بعده في المطبوع: «بالماء»، أخطأ في القراءة.
(٧) في الأصل والمطبوع: «تكتسبه».