للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفاق، فقال: «أصلَّى الناس؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال: «ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَب» قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينُوءَ، فأُغميَ عليه، ثم أفاق، فقال: «أصلَّى الناس؟» فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. وذكرت إرساله إلى أبي بكر. متفق عليه (١). والأصل في أفعاله الوجوب على (٢) إحدى الروايتين. يؤكد ذلك في الاغتسال أنه أفتى السائلَ عن الاغتسال من التقاء الختانين بأنه (٣) يفعل ذلك ويغتسلُ منه، وأفتى عامّةُ الصحابة بقولها: فعلتُ ذلك أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاغتسلنا. لا سيَّما وقد تكرَّر ذلك منه مع مشقَّته عليه، فلو لم [١٢٥/ب] يكن واجبًا لتَرَكه.

ولأنه مظنّة للجنابة غالبًا، فأقيم مقام الحقيقة كالنوم مع الحدث، والوطء مع الإنزال. قال الإمام أحمد: قلَّما يكون الإغماء إلا أمنَى (٤). وقال: قلَّ أن يُصرَع إلا احتلَم (٥). بل هو أولى من ذلك، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز عليه الاحتلام، لأنه معصوم من الشيطان، ومع هذا كان يغتسل. وهذا يدل على أنَّ الإغماء سبب للغسل، مع قطع النظر عن كونه مظنَّة الإنزال. ألا ترى أنه إذ (٦) كان محفوظًا في منامه من الحدث، كان ينام ثم يصلِّي ولا يتوضأ.


(١) البخاري (٦٨٧) ومسلم (٤١٨).
(٢) في المطبوع: «في».
(٣) في المطبوع: «بأن».
(٤) انظر: «مسائل أبي داود» (ص ٢٨ - ٢٩) واللفظ فيها: «زعموا: إذا كان ذلك، أو قلما يكون ذلك إلا أمنى».
(٥) في المسائل المذكورة (ص ٢٨): «وزعموا أنْ ربّما احتلم».
(٦) في الأصل والمطبوع: «إذا».