للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخامسها: أن يتوضَّأ. ولا يكمل الاغتسال إلا بالوضوء، سواء نوى رفع الحدثين أو لم ينوِ، لما تقدَّم من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما روى سعيد بن منصور في «سننه» (١)

أنَّ عمر سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن غسل الجنابة، فقال: «توضَّأْ وضوءَك للصلاة، ثم اغسل رأسك ثلاثًا، ثم أفِضْ على رأسك وسائر جسدك».

ولأنه غسلٌ يسَنُّ فيه تقديمُ مواضع الوضوء كغسل الميِّت، وهذا لأنَّ أعضاءَ الوضوء أولى بالطهارة من غيرها، بدليل وجوب تطهيرها في الطهارتين، فإذا فاتها التخصيص فلا أقلَّ من التقديم. ولذلك كان وضوءُ الجنُب مؤثِّرًا في نومه وأكله وجماعه، وجلوسه في المسجد.

وهو مخيَّر بين أن يتوضأ وضوءًا كاملًا كما في حديث عائشة، أو يؤخِّر (٢) غسلَ رجليه كما في حديث ميمونة. وعلى هذا الوجه يكفي إفاضةُ


(١) برقم (٢١٤٣) تحقيق الأعظمي، وأخرجه عبد الرزاق (٩٨٧)، والطيالسي (٤٩)، وأحمد (٨٦)، وابن ماجه (١٣٧٥) في سياق قصة رهط وفدوا على عمر يستفتونه، وبعضهم يزيد فيه وينقص، من طرق عن عاصم بن عمرو البجلي به.

واختلف فيه على عاصم: فروي عنه، عن عمر مرسلًا، وعن رجل لم يسم، وجاء عند ابن ماجه (١٣٧٥) تسميته وهو عمير مولى عمر بن الخطاب، وفيه جهالة أيضًا؛ كما في ترجمته من «تهذيب التهذيب» (٣/ ٣٢٩). قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (٢/ ٨): «إسناده ضعيف من الطريقين؛ لأن مدار الإسنادين في الحديث على عاصم بن عمرو، وهو ضعيف»، وبعضهم يحسن له، كما في «تهذيب التهذيب» (٢/ ٢٥٩)، وصححه بشواهده ابن كثير في «مسند الفاروق» (١/ ١٤٥).
انظر: «العلل» للدارقطني (٢/ ١٩٦ - ١٩٨)، وحاشية محققي «مسند أحمد» طبعة الرسالة (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨).
(٢) في الأصل: «أو يواخر».