للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصلِّي بالتيمم. وعنه: لا يصلِّي حتى يجد الماء أو يسافر. اختارها الخلال (١)، [١٥٣/ب] لأن الله إنما أذِن في التيمُّم للمسافر.

والصحيح: الأول، لما روى أبو ذرٍّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصعيدُ الطيِّب طهورُ المسلم، وإن لم يجد الماء عشرَ سنين. فإذا وجد الماءَ فَلْيُمِسَّه بشَرتَه، فإنَّ ذلك خير». رواه أحمد، والترمذي وصحَّحه (٢). ولأنه عادمٌ للماء، فأشبه المسافر، وإنما خُصَّ بالذكر لأنه إنما يعدَم غالبًا فيه (٣). والمنطوق إذا خرج على الغالب لم يكن له مفهوم مراد.

وإذا صلَّى لم يُعِدْ في المشهور من المذهب. ومن قال: يعيد في الأعذار النادرة، مثل عدم الماء والتراب، ومن خشي البرد فتيمَّم= قال: يعيد هنا، لأن القياس يقتضي أن من أخلَّ بشرط من شروط الصلاة أعاد إذا قدرَ عليه، إلا أنه عُفي عنه فيما يكثُر ويشُقُّ، كما قلنا: إنَّ الحائض تقضي الصوم لأنه لا يتكرَّر، ولا تقضي الصلاة لأنها تتكرَّر. ولأنَّ الصلاة المفعولة على وجه الخلل غيرُ مبرئة للذمة في الأصل، وإنما فُعِلت إقامةً لوظيفة الوقت.

والصحيح: الأول لأنَّ الله إنما خاطب بصلاة واحدة يفعلها بحسب الإمكان، والشرطُ المعجوز عنه ساقط بالعجز. وفي قوله: «الصعيد الطيّب طهور المسلم» (٤) وقوله: «التراب كافيك» (٥) دليل على أنه يقوم مقام الماء مطلقًا.


(١) انظر: «شرح الزركشي» (١/ ٣٢٦).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يعني: في السفر.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) تقدَّم تخريجه.