للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعهم من الماء ما يشربون، ومعهم ما يغتسل [به] (١) وقد أصابت رجلًا منهم جنابةٌ، ومعهم ميِّت: أعجَبُ إليَّ أن يغسَّل الميِّت ويتيمَّم (٢) الجنُب.

فهؤلاء قوم مشتركون في الماء. وقد يقدَّم الميِّت، وهو إما أن يكون له نصيبٌ في الماء، أو لا يكون له شيء. وقد قدَّمه بنصيب الأحياء، حتى بنصيب الجنب. [١٧٢/أ] وهو في نفس هذه المسألة قدَّم الجنبَ في رواية أخرى. وهذا فيما إذا كان الماءُ مشتركًا، لأنَّ نصيب كلِّ واحد لا يكفيه لطهوره، ولا يستبيح به شيئًا، بل لا بد من تيمُّمه. فكان تخصيصُ واحدٍ بالماء وآخرَ بالتيمم أولى من تيمُّم كلِّ واحد وتشقيصِ (٣) طهارته.

ألا ترى أنَّ الشرع قد حكم فيما إذا أُعتق شِقْصٌ من عبيد أن يجمع الحرية كلّها في شخص واحد، والرِّقُّ في آخر، لمصلحة تخليص الحرية والمِلك، وإن كان فيه إسقاطُ حقِّ المشترك من الحرية.

وقال أيضًا فيمن معه ماء بأرض فلاة، وهو جنُب، ومعه ميِّت، إن هو اغتسل بالماء بقي الميِّت، وإن غسّل الميت بقي هو؛ قال: ما أدري، ما سمعتُ في هذا شيئًا.

وتوقُّفه هنا يخرَّج على الروايتين هناك. وظاهرُ الرواية أنّ الميِّت لا شيء له في الماء. ووجهُ هذا أنَّ تغسيلَ الميِّت واجب على الحيِّ من الماء الذي يملكه، كما يجب اغتساله، بخلاف الحيَّين. وهذا أيضًا دلالة على المسألة الأولى.


(١) زيادة من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «تيمَّم».
(٣) من شقَّص الذبيحةَ: وزَّع أجزاءها بين الشركاء توزيعًا عادلًا.