للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالماء. وهكذا فسَّره ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي طلحة، وكذلك قال مجاهد وغيره (١). وقال إسحاق بن راهويه: أجمع أهل العلم من التابعين على أن لا يطأها حتى تغتسل (٢).

وأكثر أهل الكوفة يقرؤون: «حتى يطَّهَّرْن» بالتشديد (٣)، وكلُّهم يقرؤون الحرف الثاني [١٧٥/ب] {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}، والتطهُّر إنما يكون فيما يتكلَّفه ويروم تحصيله، وذلك لا يكون إلا في الاغتسال؛ فأمَّا انقطاعُ الدم فلا صنعَ لها فيه، ولهذا لما قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] فُهم منه الاغتسال.

فإن قيل: فعلى قراءة الأكثرين ينتهي النهي عن القُربان (٤) بانقطاع الدم، لأن الغاية هنا تدخل في المغيَّا، لأنها بحرف «حتَّى»، فإذا تمَّ انقطاع الدم فقد انتهت الغاية.

قلنا: قبل الانقطاع، النهيُ عن القربان مطلقٌ (٥)، فلا يباح بحال. فإذا انقطع الدم زال ذلك التحريم المطلق، لأنها قد صارت حينئذ مباحةً إن اغتسلَتْ، حرامًا إن لم تغتسل. ويبيِّن هذا الشرط قولُه {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}. وبهذا


(١) انظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٣٨٦).
(٢) «شرح الزركشي» (١/ ٤٣٥).
(٣) انظر: «النشر في القراءات العشر» (٢/ ٢٢٧). وفي الأصل: «حتى يتطهرن»، وهو خطأ.
(٤) في الأصل: «القراتان»، وفي المطبوع: «القراءتين»، وكلاهما تحريف.
(٥) في المطبوع: «المطلق»، ظنَّه صفة للقربان، ولم ينبه على ما في الأصل وهو الصواب.