للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عفي عنه للضرورة، فمتى زالت الضرورة ظهر أثره. وكذلك الحدث القائم ببدن المتيمم. فإن انقطع ولم تعلم هل هو عن برء أو غير برء لم يُحكَم بأنه برء، لأن الأصل عدم البرء وبقاء نجاسة (١) الاستحاضة. فإن لم يعُد وتبيَّن أنه كان عن برء حكمنا ببطلان كلِّ صلاة صلَّتها بعد هذا الانقطاع، إذا كان قد وُجد قبله حدثٌ بعد الطهارة، لأنّا تبينَّا أنها صلَّت بعد انتقاض وضوئها انتقاضًا يوجب الوضوء، وأقصى ما فيها (٢) أنها جاهلة بالحدث.

ولا فرق في بطلان الصلاة بين العالم بالحدث والجاهل به. نعم، إن كان صاحب هذا الحدث إمامًا فهو كمن أمَّ قومًا ناسيًا لحدثه أو جاهلًا به. وإن كان هذا الانقطاع في الصلاة، فهو على الطريقين الذين يُذكران فيما بعد.

الثاني: أن ينقطع عن غير برء، بل ينقطع ويعود. فإن كان زمن هذا الانقطاع معلومًا وقد صار عادةً لزمها أن تتحرَّى، وتتطهَّر، وتصلِّي فيه. ومتى انقطع على هذا الوجه بطلت طهارتها، لأنها أمكنها الصلاة بطهارة صحيحة من غير مشقَّة. فأمَّا إن عرض هذا الانقطاع لمن عادته اتصال (٣) الحدث، فكذلك في أحد الوجهين، ذكرهما الآمدي وغيره. وهو الصحيح عند كثير من أصحابنا، منهم القاضي وابن عقيل (٤)، لأن الضرورة زالت به، فيظهر حكم الحدث [١٩٢/أ]، كالمتيمِّم إذا رأى الماء. وسواء (٥) وُجِد هذا الانقطاع


(١) في الأصل: «بلا سبب»، وما أثبت تصحيح ظنِّي. وفي المطبوع: «وبقي بلا سبب».
(٢) في الأصل: «وأفضى إلى ما فيها»، والتصحيح من المطبوع.
(٣) في الأصل: «إيصال»، تصحيف.
(٤) «المغني» (١/ ٤٢٥).
(٥) في المطبوع: «سواء» دون الواو.