للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين وضوئها وهو منقطع، أو هو سائل. ولو كان الانقطاع قد نقض الطهارة الماضية لكان الوضوء فيه واجبًا، بخلاف السَّيَلان. فاختلف (١) أصحابنا في هذا الكلام بعد اتفاقهم على أنَّ ظاهره أنَّ انقطاعَ الحدث لا يُبطِل الطهارة، فتأوَّله القاضي على الانقطاع القليل المعتاد. ومنهم من أقرَّه على ظاهره [١٩٣/ب] وهم أهل الوجه الثاني، لكن منهم من قال: لا أثر لهذا الانقطاع العارض أو المختلف المعتاد، وإن طهارتها صحيحة ما لم ينقطع انقطاعَ برء أو يخرج الوقت، إلا أن يكون وقتُ الانقطاع معلومًا واسعًا كما تقدَّم. قال أبو الحسن الآمدي: وهو الظاهر. وهو اختيار الشيخ صاحب الكتاب (٢).

ومنهم من قال: أمَّا الانقطاع العارض (٣)، فإنها تفعل فيه كما تقدَّم. وأما المتكرِّر والمختلف، فإنها لا تلتفت إليه. وهذه الطريقة في الجملة أشبه بكلام أحمد، وأشبه بالسنّة؛ فإنّ الحكم لو اختلف بهذا الانقطاع وجودًا وعدمًا لبيَّنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للمستحاضات، فإنه يعرض كثيرًا لهن. ثم تكليفُها كلَّما انقطع الدم لحظةً أن تنظر: هل يعود بعد مدة متَّسعة أو ضيِّقة، فيه مشقَّة عظيمة. ثم فيه تقدير الطهارة بالفعل الذي لا ينضبط.

وإنَّ قولهم: قدرَ ما يسع الوضوءَ والصلاةَ، يختلف ذلك باختلاف بُعد الماء من المتوضِّئ وقربه، وسرعته وإبطائه (٤)، ونشاطه وكسله. وكذلك الصلاة. ثم بماذا يقدِّرون هذا الوضوء والصلاة؟ بأقلِّ ما يجزئ من


(١) كذا في الأصل والمطبوع. ولعل الصواب: «واختلف».
(٢) انظر: «المغني» (١/ ٤٢٦).
(٣) في الأصل والمطبوع: «للعارض».
(٤) في الأصل: «ابطاوه»، وفي المطبوع: «بطائه».