للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث فاطمة فقد روت عائشة - رضي الله عنها - أنَّ فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أُستحاضُ فلا أطهر، أفأدع (١) الصلاة؟ فقال: «لا، إن ذلك دمُ عرق. ولكن دعي الصلاة قدرَ الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسِلي وصلِّي» رواه البخاري (٢). فقد ردَّها تارةً إلى التمييز، وتارةً إلى العادة. والله أعلم أنه أمرها بالعادة أولًا فلم تحفظها (٣)، فأمرَها بالتمييز. كذلك قال الإمام أحمد (٤): إنها أُنسِيَتْ (٥) أيامَها. وقد تقدَّم ذكرُ العادة التي يُرجع إليها، وأنها لا تثبت إلا بثلاث في ظاهر [١٩٦/أ] المذهب.

وتثبت العادة بالتمييز، فإذا رأت دمًا أسود خمسةَ أيام في ثلاثة أشهر، وما فيه (٦) دم أحمر متصل، وهي مبتدأة أو ناسية، ثم صار دمًا مبهمًا، فإنها تجلس زمن الدم الأسود. ولكن هل تُقدَّم هذه العادة على التمييز بعدما أثبتنا التمييز بأول مرة؟ على وجهين، مثل أن ترى في الشهر الرابع: خمسة أحمر ثم أسود وثلاثة أحمر ثم أسود، فقيل: نُحيِّضها (٧) من أول الأسود وقدر (٨) عادتها، لأن الأسود يمنع الأحمر قبله أن يكون حيضًا، لأن التمييز أصل هذه


(١) في الأصل: «أفدع».
(٢) برقم (٣٢٥) وقد تقدم.
(٣) في المطبوع: «يقطعها»، أخطأ في القراءة.
(٤) في رواية حرب. انظر: «شرح الزركشي» (١/ ٤١٨).
(٥) في المطبوع: «نسيت»، والمثبت من الأصل.
(٦) كذا في الأصل والمطبوع. وفي «المغني»: «ثم صار أحمر، واتَّصَل».
(٧) أوله مهمل في الأصل. وفي المطبوع: «حيضها»، كما جاء فيما بعد.
(٨) حذف الواو قبله في المطبوع مع التنبيه.