للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن مجاهد: قال كنتُ مع ابن عمر، فثوَّب رجلٌ في الظهر أو العصر، فقال: اخرج بنا، فإنَّ هذه بدعة. رواه أبو داود في «سننه» (١).

وعن مجاهد قال: لما قدِم عمرُ مكة، فأذَّن أبو محذورة، ثمَّ أتى عمر، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح. قال عمر: أمَا كان في دعائك الذي دعوتَنا إليه أولًا ما كفاك، حتَّى تأتينا ببدعةٍ تُحدِثها لنا؟ رواه سعيد وابن بطة (٢).

وهذا كله إذا كانوا قد سمعوا النداء الأول. فإن لم يكن الإمام أو البعيد من الجيران [ص ٣] قد سمع النداء الأول، فلا ينبغي أن يُكرَه تنبيههُ، لما تقدَّم عن بلال أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُؤْذِنه بصلاة الفجر بعد الأذان، فقيل: إنه نائم. فقال: الصلاة خير من النوم (٣).

قال ابن عقيل: فإن تأخَّر الإمام الأعظم أو إمام الحي أو أماثل الجيران، فلا بأس أن يمضي إليه منبِّه يقول له: قد حضرت الصلاة؛ لأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قصَده بلال ليؤذِنه بالصلاة وهو مريض، فقال: «مُروا أبا بكر أن يصلِّي بالناس». وذكر احتمال أنَّ نداء الأمراء ليس ببدعة، لأنه فُعِلَ على عهد معاوية (٤). ولعله اقتدى به في ذلك، في حديث بلال لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابن أم مكتوم» (٥).


(١) برقم (٥٣٨)، وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٢/ ٤٠٣).
(٢) وأخرجه بنحوه ابن أبي شيبة (٣٥٣٤)، وابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٩١).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٣/ ٥٧).
(٥) كذا ورد في الأصل والمطبوع. وفي «الفروع» (١/ ١١): « ... زمن معاوية، ولعله اقتدى بفعل بلال، حيث آذن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة وكان نائمًا، وجعل يثوِّب لذلك. وأقرَّه على ذلك». والظاهر أن الحديث المذكور وقع هنا سهوًا لانتقال النظر إلى المسألة الآتية.