للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إنَّ أخا صُدَاء أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم» رواه الخمسة إلا النسائي (١).

ولولا أنَّ السنَّة أن يتولاهما رجل واحد لم يُمنَع المؤذِّن الراتبُ من حقِّه ــ وهو الإقامة ــ لمَّا حضر.

وعن عبد العزيز بن رُفَيع قال: رأيتُ أبا محذورة جاء، وقد أذَّن إنسانٌ قبله؛ فأذَّن، ثم أقام. رواه أبو حفص (٢)، واحتجَّ به أحمد. ولولا أنَّ ذلك سنّة عندهم لاكتفى بتأذين الرجل.

ولأنَّ ذلك أقرب إلى أن يعلم الناس أنَّ الثاني إقامة، وليس بأذان آخر. ولأنهما فصلان من الذكر يتقدَّمان الصلاة، فكانت السنَّة أن يتولاهما واحد كالخطبتين.

فإن أذَّن غيرُ المؤذن الراتب، فإما أن يقيم من أذَّن كما فعل زياد، أو يعيد الراتبُ الأذان كما صنع أبو محذورة. فإن أقام غيرُ من أذَّن كُرِهَ، نصَّ عليه؛ وأجزأ لأنَّ المقصود قد حصل.

ولو تناوب اثنان على أذان واحد، فقال هذا كلمة، وهذا كلمة، أو بنى الرجل على أذان غيره= لم يجُز لعذرٍ ولا غيرِه (٣) بل لا بدَّ من أذان رجل واحد، وإن جوَّزنا الخطبةَ من اثنين؛ لأنه ذكر واحد يختلُّ (٤) مقصوده


(١) تقدم تخريجه.
(٢) وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٥٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٣٩٩)، وصحح إسناده.
(٣) كذا في الأصل. وفي المطبوع: «لغيره».
(٤) في الأصل: «يحصل»، والتصحيح من حاشية كاتبه. وفي المطبوع: «يختلف».