للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحفظ ما ضيَّعوه، وهو صلاة العصر.

ولأن المسلمين كانوا يعرفون فضلها على غيرها من الصلوات، حتَّى عَلِم منهم الكفار. ولهذا لمَّا صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الظهر بعُسْفان قال المشركون: قد كانوا على حالة لو أصبنا غِرَّتَهم! قالوا: يأتي عليهم الآن صلاة هي أحبُّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم. فأنزل الله عزَّ وجلَّ صلاة الخوف (١).

فكانت صلاة العصر هي السبب في نزول صلاة الخوف الشديد لمَّا شُغِلوا عنها، وهي السبب في صلاة الخوف اليسير لما خافوا من تفويتها في الجماعة.

ولأنَّ في تفويتها من الوعيد ما ليس في غيرها. فروى ابن عمر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي تفوته صلاةُ العصر كأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه» رواه الجماعة (٢). وعن بريدة (٣) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك صلاةَ العصر حبِط عملُه» رواه أحمد والبخاري (٤).

ولأنَّ أول الصلوات هي الفجر كما تقدَّم، فتكون العصر هي الوسطى. وكذلك قال بعض السلف، وأمسك أصابعه الخمس، فوضع يده على الخنصر، فقال: هذه هي الفجر. ثم وضعها على البنصر، وقال: هذه الظهر.


(١) أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله (٨٤٠).

ومن حديث أبي هريرة أحمد (١٠٧٦٥)، والترمذي (٣٠٣٥)، والنسائي (١٥٤٤).
(٢) أحمد (٤٥٤٥)، والبخاري (٥٥٢)، ومسلم (٦٢٦)، وأبو داود (٤١٤)، والترمذي (١٧٥)، والنسائي (٥١٢)، وابن ماجه (٦٨٥).
(٣) في الأصل والمطبوع: «أبي بكرة»، وهو تحريف. وسيأتي مرة أخرى على الصواب.
(٤) أحمد (٢٢٩٥٧)، والبخاري (٥٥٣).