للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث: «لا صلاة لمن عليه صلاة» (١)، لكنه لا يُعرَف له أصل. فعلى هذا يشتغل بقضاء الفوائت متواليات حسب الطاقة والإمكان، وإن فاته عدَّة من الصلوات، ثم يصلِّيهن إذا جاءت نوبتهن.

ووجه الأولى ــ وهي الصحيحة عند أكثر أصحابنا ــ أنَّ الوقت وقت الحاضرة، فلا يجوز أن تؤخَّر عنه كسائر المواضع، وكما لا يجوز تأخير صوم رمضان لقضاء الزمان الماضي. ولأنَّ في ذلك تفويت الصلاتين. ولأنَّ الصلاة الحاضرة في وقتها فرضٌ متفَق عليه، معلوم قطعًا؛ والترتيب مما ساغ فيه الخلاف. ولأنَّ تأخير الفائتة لسنة راتبة أو (٢) نوع مصلحة جائز، وتأخير الحاضرة عن وقتها لمثل ذلك لا يجوز. وقال القاضي: المسألة رواية واحدة: يبدأ بالحاضرة. وذكر عن أحمد ما يدلُّ على أن الرواية الأولى مرجوع عنها (٣). فيكون في حكايتها مذهبًا له الطريقتان المشهورتان.

فإن خالف وبدأ (٤) بالفائتة، ففي صحَّتها وجهان؛ لأنَّه فعلها على الوجه المنهِّي عنه، لكن لم يخالف ترتيبًا مستحَقًّا، كما قلنا فيما إذا صلَّى قبلها نافلة.

وعلى هذا يجب عليه أن يشتغل بقضاء الفوائت إذا كثرت حتَّى يضيق


(١) نقل ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ٤٤٣) عن إبراهيم الحربي: «قيل: لأحمد ما معنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن عليه صلاة». فقال: لا أعرف هذه البتة، قال إبراهيم: ولا سمعت بهذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قط».
(٢) «أو» ساقط من المطبوع.
(٣) «المغني» (٢/ ٣٤١).
(٤) في الأصل: «أو بدأ» والمثبت من المطبوع.