للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمياثر: المراكب التي تكون على الرَّحل والسَّرج. سُمِّيت مياثرَ لوَثارتها (١) ولِينها. ومنه الوِثْر والوَثير، وهو الفراش الوطيء. قال أبو عبيد (٢): وأما المياثر الحُمْر التي جاء فيها النهي، فإنها كانت من مراكب الأعاجم من ديباج أو حرير.

وعن علي بن أبي طالب قال: نهاني ــ يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ــ عن لُبس القَسِّيِّ، وعن الجلوس على المياثر. والمياثر: شيء كان يجعله النساء لبعولتهن على الرَّحل كالقطائف الأُرْجُوان. رواه مسلم (٣).

ولأنَّ تحريمه إنَّما هو ــ والله أعلم ــ لما فيه من السَّرَف والفخر والخيلاء ونحو ذلك. وذلك موجود في لُبسه على البدن، وفي افتراشه، وجعله ستورًا؛ بل ربما كان ذلك بغير اللُّبس أعظمَ، إلا أنه أرخص فيه للنساء لأنَّ بهنَّ حاجةً إلى التزيُّن للبعولة في الجملة، كما أرخِص لهن في التحلِّي بالذهب، وكما أُرخِص لهن في إطالة الثياب لمصلحة السَّتْر؛ ولأنهن خُلِقن في الأصل ناقصاتٍ محتاجاتٍ إلى ما يتجمَّلن به ويتزيَّنَّ. قال سبحانه: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨].

ويباح لهن افتراشُه والاستناد إليه، كما يباح لهن لبسُه على أبدانهن، في المشهور من المذهب الذي عليه جمهور أصحابنا.


(١) في المطبوع: «لدثارتها»، تحريف.
(٢) في «غريب الحديث» (١/ ٢٨٥).
(٣) برقم (٢٠٧٨/ ٦٤). وجاء تفسير «القَسِّي» أيضًا في الحديث عن علي - رضي الله عنه -، قال: «ثياب مضلَّعة يؤتى بها من مصر والشام، فيها شبه كذا». وسيأتي المزيد في تفسير «القَسِّي» بعد فصلين.