للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراعاة السترة. ولقد كان القياس يقتضي إيجاب القيام أيضًا لذلك، إلا أنه أخفُّ من السجود، ولسقوطه مع القدرة في النافلة، وخلف إمام الحيِّ إذا صلَّى قاعدًا، وهو مريض يرجى برؤه؛ وأنه يطول زمنه، وأنَّ فيه إفضاءً بعورة بارزة خارجة إلى جهة القبلة. فلمَّا فحشت العورة فيه، وطال زمنُ كشفها، وخفَّ أمره، كان الاعتياض عنه بالستر أولى، بخلاف السجود فإنَّ زمنه قصير، وهو أعظم أركان الصلاة، ولا يبدو فيه إلا عورة الدبر، وهي أخفُّ من القبل.

والأول: المذهب، لما روى سعيد وأبو بكر وغيرهما (١) عن نافع عن ابن عمر في قوم انكسرت بهم مراكبُهم في البحر، فخرجوا عُراةً. قال: يصلُّون جلوسًا يُومئون برؤوسهم إيماءً. ولم يبلغنا عن صحابي خلافه.

ولأنه إذا صلَّى قاعدًا مومئًا فقد أتى ببدل القيام والركوع والسجود، بل قد أتى بركوع وسجود، هو بعض الركوع والسجود التامَّين؛ فإنَّ الإيماء بالرأس يدخل في عموم الأمر بالركوع والسجود. أو أتى ببعض الركوع والسجود الواجبين مع التمكُّن، وهذه صلاة مشروعة في الجملة للراكب على الراحلة وللمريض أيضًا. وأتى أيضًا بمعظم الستر، وهو ستر العورة المغلَّظة؛ فإنه إذا تضامَّ (٢) ستَر قُبله بفخذيه وستَر دبره بالأرض، ولم يفته إلا تكميلُ الأركان، وتكميلُ الشرط المعجوز عنه. وهذا غير خارج عن جنس الصلاة المشروعة.


(١) وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (٥/ ٧٨).
(٢) في المطبوع: «انضامَّ»، والمثبت من الأصل.