للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنه قد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للنساء: «لا ترفعن رؤوسكنَّ حتَّى يستوي الرجال جلوسًا، لا ترَينَ عوراتِ الرجال [ص ١٠٩] من ضِيق الأزُر» (١) وكانوا يعقِدون أُزُرَهم على أكتافهم (٢)، ولولا أنَّ يسير العورة يُعفَى عنه لأمَر الرجالَ بإعادة الصلاة منه، كما أمَر النساءَ بغضِّ أبصارهن عنه، أو لأَمَر بذلك من كان يمكنه الاتزارُ بإزار واسع، ولأَمَرهم (٣) بالائتزار على وجهٍ لا يؤدِّي إلى كشف شيء من العورة، بأن يأتزروا على العورة فقط، كما ذكره في الإزار الضيِّق، فإنَّ سترَ العورة أهمُّ من ستر المنكب، فإنَّ الناس قائلان: قائلٌ يقول: يجب عليه أن يستر العورة ويسجُدَ، وقائلٌ يقول: يستر المنكبَ ويصلِّي جالسًا مومئًا. فأمَّا أن يسترَ المنكبَ ويسجُدَ مكشوفَ السوءة، فليس بجائز وفاقًا.

وأيضًا فإنَّ ذلك يشقُّ عمومُ الاحتراز منه، فإنَّ المآزر والسراويلات تنحطُّ في العادة عن السرَّة قليلًا، والمرأة يبدو طرفُ (٤) شعرها ورُصْغها (٥) كثيرًا، وأكثر الفقراء لا تسلَم أثوابهم من يسير فَتْق أو خَرق.

وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الصلاة في الثوب الواحد: «أوَلِكلِّكم ثوبان؟» (٦). فلم يوجب من السترة إلا ما يجده عامَّة الناس دون ما يجد


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) نبَّه الناسخ على أن في الأصل: «ولأمرهن». يعني أنه أصلحه.
(٤) في المطبوع: «أطراف»، والمثبت من الأصل.
(٥) غيَّره في المطبوع إلى «رسغها» بالسين، وقد سبق نحوه.
(٦) سبق تخريجه.