للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا اضطباعُ المحرِم، فذلك موضع مخصوص من النهي، لما كان فيه أولًا من إظهار الجلَد، ثم صار سنًّة وشعارًا. ولهذا لا يُشرَع إلا في أول طواف يطوفه الأفُقيُّ [ص ١١٤] خاصَّةً. ولهذا فإنه إذا أراد أن يصلِّي ركعتَي الطواف سوَّى ردائه.

والرواية الأخرى: أنه لا يُكرَه، إلا إذا كان عليه ثوب واحد. قال الآمدي وغيره: هو الصحيح لأنَّ الأحاديث الصِحاح المفسَّرة إنما هي في الثوب الواحد. وقد علَّله في الحديث: «يبدو أحدُ شِقَّيه»، وهذا مفقود في الثوبين.

ومن أصحابنا من قال: يُكرَه الاضطباع على المئزر، ولا يكره على القميص (١). وهذا قول قويّ، فإنَّ الأغلب على القوم كان الارتداء فوق المآزر، وقد نُهوا عن الاشتمال؛ ولأنَّ في ذلك كشفًا للمنكب في الصلاة، وهو مكروه أو مبطِل لما تقدَّم، وقد نصَّ أحمد على كراهته. ولأنَّ الذي في الحديث كراهة بروز الشقِّ الأيمن، ولو لم يكن تحته مئزر لكانت العورة قد تظهر من الناحية اليسرى، فكان التعليل بكشف العورة أولى من التعليل ببروز الشقِّ فقط.

فإن قيل: فقد قال أبو عبيد (٢): اشتمال الصمَّاء عند العرب: أن يشتمل الرجلُ بثوب يجلِّل به جسدَه كلَّه، ولا يرفع منه جانبًا تخرج فيه (٣) يده. كأنه يذهب به إلى أنه لعلَّه يصيبه شيء يريد الاحتراس منه، ولا يقدر عليه.


(١) «الإنصاف» (٣/ ٢٤٩).
(٢) في «غريب الحديث» (٤/ ٧٧) ونقله عن الأصمعي.
(٣) في «غريب الحديث»: (فيُخرج منه».