للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا إن كان على غير وجه الخيلاء، بل كان عن (١) علّة أو حاجة، أو لم يقصد الخيلاء والتزيُّن بطول الثوب ولا غير ذلك، فعنه: أنه لا بأس به. وهو اختيار القاضي وغيره. وقال في رواية حنبل: جرُّ الإزار وإرسالُ الرداء في الصلاة، إذا لم يُرِد الخيلاءَ، لا بأس به (٢). وقال: ما أسفل من الكعبين في النار، والسراويل بمنزلة الرداء، لا يجُرُّ شيئًا من ثيابه.

ومن أصحابنا من قال: لا يحرُم إذا لم يقصد به الخيلاء، لكن يُكرَه. وربما يستدلُّ بمفهوم كلام أحمد في رواية ابن الحكم في جرِّ القميص والإزار والرداء سواء إذا جرَّه لموضع الحسن ليتزيَّن به فهو الخيلاء. وأمَّا إن كان من قبحٍ في الساقين كما صنع ابن مسعود (٣)، أو علَّةٍ، أو شيئًا (٤) لم يعتمده (٥) الرجل، فليس عليه من جَرِّ ثوبه خيلاء، فنفى عنه الجرَّ خيلاء فقط.

والأصل في ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وقوله سبحانه: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨]، وقوله (٦) سبحانه: {كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: ٤٧]. فذمَّ اللهُ سبحانه


(١) في المطبوع: «على»، تحريف.
(٢) «كشاف القناع» (١/ ٢٧٧). ومثله في «رواية الكوسج» (٩/ ٤٦٩١).
(٣) يأتي تخريجه بعد قليل.
(٤) في المطبوع: «شيء»، والمثبت من الأصل.
(٥) في حاشية الأصل: «لعله لم يتعمده»، وكذا في المطبوع، وليس بعيدًا. لكن «اعتمد» بمعنى تعمَّد أيضًا. انظر: «تاج العروس» (٨/ ٤١٥).
(٦) في المطبوع: «وقال»، والمثبت من الأصل.