للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مَن لم يلبسه ربما اتُّهِمَ بمعصية السلطان والخروج عليه. والقصة في ذلك مشهورة لمَّا أظهر المتوكل إحياء السنَّة وإطفاءَ ما كان الناس فيه من المحنة، وأجاز أبا عبد الله وأهل بيته بالجوائز المعروفة، وطلب اجتماعه به، وكان يرسل إليه يستفتيه ويستشيره، [ص ١٢٨] فأحبَّ أبو عبد الله أن لا يدخل في شيء من أمر السلطان، ولم يقبل الجوائز، ونهى أهل بيته عن قبولها. ففي تلك المرَّة استعفى من لُبس السَّواد.

وسأله رجل عن خياطة الخزِّ الأسود، فقال: إذا علمتَ أنه لجنديِّ فلا تَخِطْه (١).

وسأله رجل: أخيط السواد؟ قال: لا.

وسئل عن المرأة تأمر زوجها أن يشتري لها ثوبَ خزِّ (٢) أسود. فقال: هو للمرأة أسهل.

قيل له: فأَيْشٍ (٣) ترى للرجل؟ قال: لا يروِّع به. قيل: فترى للخياط أن يخيط له؟ قال إذا خاطه فأيشٍ قد بقي؟ قد أعانه. وقال في رجل مات وترك سوادًا، وأوصى إلى رجل. فقال: يُحرَق حتى لا يُروَّع به مسلم.

قيل: له صبيانٌ (٤)، ترى أن يُحرَق؟ قال: يحرقه الوصيُّ.


(١) «مسائل ابن هانئ» (٢/ ١٤٧).
(٢) في الأصل: «اخر»، وتصحيحه من حاشيته.
(٣) استبدل به في المطبوع: «فأيَّ شيء». ومن الطريف أن الناسخ كتب الكلمة هنا وفيما يأتي «أيشن» بالنون.
(٤) في المطبوع: «الصبيان»، والصواب ما أثبت من الأصل.