للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثيابُ بني عوفٍ طَهارَى نقيَّةٌ (١)

وقال الآخر:

وإنِّي بحمدِ الله لا ثوبَ غادر ... لبِستُ ولا من خِزْيةٍ أتقنَّعُ (٢)

حتى إذا قيل: «فلان طاهر الثياب، طاهر الذيل» لم يُفهَم منه عند الإطلاق إلا ذلك. فيكون قد صار ذلك حقيقة عرفية، كما صار المجيءُ من الغائط حقيقةً في قضاء الحاجة، وكما صار مسيسُ النساء ومباشرتُهن حقيقةً في الجماع؛ فيجب حمل الكلام عليه. ولذلك وجهان:

أحدهما: أنَّ اللباس يضاف إليه من الحكم، ويُقصَد به الإضافة إلى الإنسان نفسه، للعلم بأن المقصود مَن في الثوب، لا نفسُ الثوب. ويُجعَل ذلك نوعًا من الكناية، كما قال الأنصار للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لنمنعنَّك مما نمنَع منه أُزُرَنا (٣).

الثاني: أن يراد نفسُ تطهير الثوب، لكنَّ الطهارة في كتاب الله على


(١) عجزه: وأوجُهُهم عند المشاهد غُرَّانُ
والبيت لامرئ القيس في «ديوانه» (ص ٨٣). وقد استشهد به المصنف في «جامع المسائل» (٤/ ٢٢٥) أيضًا.
(٢) البيت لغيلان بن سلمة الثقفي. انظر: «تفسير الطبري» (٢٣/ ٤٠٥) و «غريب الحديث، لابن قتيبة (٢/ ٦٤٧) و «تهذيب اللغة» (٦/ ١٧٢).
(٣) جزء من حديث طويل أخرجه أحمد (١٥٧٩٨)، من طريق ابن إسحاق، حدثني معبد بن كعب بن مالك، عن أخيه عبيد الله، عن أبيه كعب بن مالك به.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦/ ٤٩): «رجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع».