للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: قد قال بعض أصحابنا: هذا منسوخ، لأنه كان بمكة في أول الأمر. ولعل الصلوات الخمس لم تكن فُرضت حينئذ، وفرضُ الطهارة إنما نزل بالمدينة.

وأيضًا فإنَّ الحكم بنجاسة الدم ونجاسة ذبائح المشركين إنما عُلِمَ لمَّا حُرِّمت الميتة والدم ولحم الخنزير، ولعل هذا التحريم لم يكن نزل بعدُ.

وقيل: لعل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم ما وضعوا على ظهره حتى قضى صلاته. والنجاسة إذا لم يُعلَم بها لم تُبطِل. ثم إنه لم يطل الفصل، لأن فاطمة جاءت، فألقتها عن ظهره، وأقبلت عليهم تسبُّهم. فقد عُلِم أنهم ألقوا على ظهره شيئًا، لكن لم يدر ما هو، وأُلقي عنه ــ بأبي هو وأمي ــ ولم يدر ما هو.

وقيل: هذا يقتضي طهارة الموضوع فوق ظهره، فيفيد أنَّ فرث الإبل طاهر. و [أمَّا] (١) الدم، فإنه كان دمًا يسيرًا معفوًّا عنه، لأنَّ الذي يعلق بالسَّلا من الدم لا يكون كثيرًا في العادة. وأمَّا السَّلا نفسه فإنه كان من ذبيحة المشركين، لكن لم يكن قد حُرِّم أكلُ ذبائحهم وحُكِمَ بنجاستها، فإنَّ المسلمين الذين كانوا بين ظهرانيهم إنما كانوا يأكلون من ذبائحهم. وإنما حُرِّم الميتة وما أُهِلَّ لغير الله به. ثم إنه فيما بعدُ حُرِّم اللحمُ، وحُكم بنجاسته، لكونه من ذبيحة غير مسلم ولا كتابيٍّ بمنزلة الميتة. والفرثُ نفسه لم يتغيَّر حكمه؛ لأنه لا يموت، وإنما هو كاللبن، فبقي على حاله. وهذا الوجه أقرب من غيره.


(١) زيادة منِّي.