للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسئلة (١).

فإن قيل: فقد روى عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي عند الكعبة، وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي (٢)؟ أيُّكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسَلاها، فيجيء به، ثم يُمهله، حتَّى إذا سجَد وضَعه بين كتفيه! فانبعث أشقاهم (٣)، فلما سجد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه. فاستضحكوا، وجعل بعضُهم يَميل على بعض، وأنا قائم أنظر، لو كانت لي منعةٌ طرحتُه عن ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ساجد، ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان، فأخبر فاطمةَ، فجاءت ــ وهي جويرية ــ فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تسبُّهم. فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا. ثم قال: «اللهم عليك بقريش!» ثلاثَ مرَّات. فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته. ثم قال: «اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة [ص ١٣٩] بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط» وذكر السابع، ولم أحفظه. قال: فوالذي بعث محمَّدًا بالحقِّ، لقد رأيتُهم صرعَى قد غيَّرتهم الشمس. وكان يوما حارًّا. متفق عليه (٤). فهذا يدل ظاهره على أن اجتناب النجاسة لا يشترط لصحة الصلاة.


(١) رسمها في الأصل: «أسؤلة»، بالواو مع علامة الهمزة فوقها.
(٢) في المطبوع: «المرء»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٣) هو عقبة بن أبي معيط كما في «صحيح مسلم».
(٤) البخاري (٢٤٠، ٥٢٠)، ومسلم (١٧٩٤).