للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعبث في الصلاة مكروه جدًّا، لا سيما وهو راكع، وخلعُ نعليه يحتاج إلى نوع علاج.

وأيضًا فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد أمر المصلِّيَ أن يبصُق في ثوبه، إذا لم يجد مكانًا يبصق فيه. وكانوا إذا وجدوا يسيرَ الدم مضوا في صلاتهم (١). فعُلِم أنَّ حملَ شيءٍ من البصاق ونحوه وحملَ شيءٍ من يسير النجاسة المعفوِّ عن يسيرها لا كراهة فيه، ولا يُشرَع لإزالته شيءٌ من العمل.

وأيضًا فقوله في الحديث: «فإن رأى خَبثًا فليمسحه، ثم ليصلِّ فيهما» دليل على أن الصلاة لا تصح مع وجوده، وهذا لا يكون إلا في خبثٍ هو نجسٌ.

ولأن النسيان يجعل الموجود كالمعدوم، ويبقى المعدوم على حاله، لأن الله سبحانه قد استجاب دعاء نبيه والمؤمنين حيث قالوا: {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، فإنه قال: قد فعلتُ. رواه مسلم (٢). وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عُفِيَ لأمتي عن الخطأ والنسيان» (٣).


(١) انظر: «مصنف» عبد الرزاق (١/ ١٤٣)، و «مصنف» ابن أبي شيبة (١/ ١٣٧).
(٢) برقم (١٢٦) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ ابن حزم في «المحلى» (٨/ ٣٣٤) معلقًا من طريق الربيع بن سليمان المؤذن، عن بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس به.
وقد اختلف على الأوزاعي في هذا الحديث.
فأخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥)، والطبراني في «الأوسط» (٨/ ١٦١)، من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، بلفظ: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه»، قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (٢/ ١٢٦): «هذا إسناد صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع ... وليس ببعيد أن يكون السقط من صنعة الوليد بن مسلم؛ فإنه كان يدلس تدليس التسوية».
وأخرجه ابن حبان (٧٢١٩)، والطبراني في «الصغير» (٢/ ٥٢)، والدارقطني (٤/ ١٧٠) , من طريق الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، بلفظ: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه».
صححه الحاكم (٢/ ٢١٦)، وجود إسناده ابن كثير في «تحفة الطالب» (٢٣٢).

وأنكر هذا الحديث أحمد كما في «العلل ومعرفة الرجال» رواية عبد الله (١/ ٥٦١)، وأبو حاتم كما في «العلل» لابنه (٤/ ١١٦).
وقد روي هذا الحديث بمعناه عن عدد من الصحابة، انظر: «نصب الراية» (٢/ ٦٤)، «جامع العلوم والحكم» (٢/ ٣٦١)، «البدر المنير» (٤/ ١٧٧).