للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنه نهانا عما كان يفعله أهل الكتابين من اتخاذ القبور مساجد، وأكثر ما اتخذوه من المساجد مقبرة جديدة، بل لا يكون إلا كذلك. ثم هم يفرشون [ص ١٦٢] في تلك الأرض مفارش تحول بينهم وبين تربتها، فعُلِمَ أنه - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن ذلك.

وبالجملة، فمَن جعَل النهي عن الصلاة في المقبرة لأجل نجاسة الموتى فقط، فهو بعيد عن مقصود النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كما تقدَّم.

ثم لا يخلو إمَّا أن يكون القبر قد بُني عليه مسجد، فلا يصلَّى في هذا المسجد، سواء صلَّى خلف القبر أو أمامه، بغير خلاف في المذهب؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. ألا، فلا تتخذوا القبور مساجد، فإنِّي أنهاكم عن ذلك» (١). وقال: «لعن الله اليهودَ والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٢) وقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنَوا على قبره مسجدًا» الحديث (٣). وقال: «لعن الله زوَّاراتِ القبور والمتخذين عليها المساجدَ والسُّرُجَ» (٤) فعمَّ بالنهي أن يُتَّخذ شيءٌ من القبور مسجدًا، وخصَّ قبورَ الأنبياء والصالحين؛ لأنَّ عكوفَ الناس على قبورهم أعظم، واتخاذَها مساجد أكثر. ونصَّ على النهي عن أن يُتَّخذ قبر واحد مسجدًا، كما هو فعل أهل الكتاب. ولذلك إن


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.