للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرضُها بالدفن لم تجُز الصلاة فيه. وإن بُني مسجدٌ في ساحة طاهرة، وجُعلت الساحة مقبرةً، فالمسجد على أصل جواز الصلاة، لأن أكثر ما فيه أنه في جوار مقبرة، فلم يمنع من الصلاة فيه، كسائر ما جاورها من الدور والمساجد.

والصحيح أنه لا فرق في بناء المسجد في المقبرة بين أن تكون جديدة أو عتيقة، كما تقدَّم.

وقال جماعة كثيرة من أصحابنا: إن بني مسجد في المقبرة لم تصحَّ الصلاة فيه بحال؛ لأن أرضه جزء من المقبرة. وإن كان المسجد متقدِّمًا فاتُّخِذ ما حوله مقبرة جازت الصلاة فيه، إلا أن تكون المقبرة في قبلته. وفَسَّروا إطلاق القاضي وغيره بهذا.

فإن زال القبر إمَّا بنبش الميِّت وتحويل عظامه مثل أن تكون مقبرة كفار، أو ببِلاه وفنائه إذا لم يبق هناك صورة قبر؛ فلا بأس بالصلاة هناك، لأنَّ مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت فيه قبور المشركين، فأمَر بها، فنُبشت لمَّا أراد بناءه.

وإن لم يعلم بِلاه (١)، أو كان ممن يعلم أنه لم يَبْلَ (٢)، لكن قد ذهب تمثالُ القبر واندرس أثره، بحيث لم يبق علَمٌ على الميت، ولا يظهر أنَّ هناك أحدًا مدفونًا= فهنا ينبغي أن تجوز فيه الصلاة إذا لم يقصد الصلاة عند المدفون هناك، لأن هذا ليس صلاةً عند قبر، ولا يقال لمثل هذا مقبرة.


(١) في الأصل: «بناه»، وفي هامشه: «لعله: بلاه»، وكذا في المطبوع.
(٢) في الأصل: «لا يبلى» والمثبت من المطبوع.