للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسجدًا من المساجد. ولأنه لو اتُّخِذ قبرُ نبيٍّ أو قبرُ رجل صالح مسجدًا لكان حرامًا بالاتفاق، كما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم -، فعُلِمَ أنَّ العدد لا أثر له. وكذلك قصدُه للصلاة فيه وإن كان أغلظ، لكن هذا الباب [ص ١٦٣] سُوِّي في النهي فيه بين القاصد وغير القاصد سدًّا لباب الفساد. ولأنه قد تقدَّم عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لا تصلِّ في حمام ولا عند قبر (١).

قال أصحابنا: وكلُّ ما دخل في اسم المقبرة من حول القبور لا يصلَّى فيه. فعلى هذا ينبغي أن يكون المنع متناولًا (٢) لحريم القبر المفرد وفنائه المضاف اليه.

قال أصحابنا: ولا تجوز الصلاة في مسجد بُني على المقبرة، سواء كان له حيطان تحجز بينه وبين القبور أو كان مكشوفًا.

فأمَّا إن لم يكن في أرض المقبرة، وكانت المقبرة خلفه أو عن يمينه أو عن شماله، جازت الصلاة فيه. يعنون: إذا لم يكن قد بُني لأجل صاحب القبر. فأما إن بُني لأجل صاحب القبر بأن يُتَّخَذ موضعًا للصلاة، لمجاورته القبرَ وكونه في فنائه، فهذا هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما إن كانت المقبرة أمامه، فسيأتي إن شاء الله.

هذا قول القاضي وغيره. وقال ابن عقيل (٣): إن بني بعد أن تقلَّبت


(١) سبق تخريجه.
(٢) في الأصل: «مساوٍ لا»، وفي هامشه: «لعله مساويا»، والصواب ما أثبت من المطبوع.
(٣) في «الفصول» كما في «الإنصاف» (٣/ ٣٠٨).