للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: هي المواضع التي تصدر إليها بعد أن ترد الماء. وذلك أن الإبل بعد أن ترِد الماءَ، فإنها تُناخُ بمكان، لتُسقَى بعد ذلك عَلَلًا بعد نهَلٍ، فإذا استوفت رُدَّتْ إلى المراعي.

وعبارة بعضهم أنه المواضع التي بقرب النهر، فتُناخ فيه الإبلُ حتَّى ترِد الماءَ. فجعلها مناخها قبل الورود.

والعبارة الأولى أجود، لأنَّ هذا تفسير أهل اللغة. قالوا: أعطان الإبل: مَبارِكها عند الماء لتشرب عَللًا بعد نهَل. يقال: عطَنت الإبل تعطُن وتعطِن إذا رَوِيت، ثم برَكت (١)، فهي إبل عاطنة وعواطن. وقد ضربَتْ بعَطَن، أي بركت (٢).

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر رؤياه: «ثم أخذها ابن الخطَّاب، فاستحالت غَرْبًا. لم أر عبقريًّا من الناس يَفْري فَرْيَه، حتَّى ضرب الناسُ بعَطَن» (٣). كأنهم امتلؤوا من تلك البئر، ثم صدروا رِواءً كهيئة الإبل إذا رَوِيت. ومنه: إسقاءٌ رَواءٌ (٤). [و] (٥) قولهم (٦): فلان واسع العطن والبلد. وأعطنَ الرجلُ


(١) في الأصل والمطبوع: «تركت»، تصحيف.
(٢) «الصحاح» (عطن).
(٣) من حديث أبي هريرة وابن عمر. أخرجه البخاري (٣٦٣٣، ٣٦٦٤) ومسلم (٢٣٩٢، ٢٣٩٣).
(٤) من قولهم: «اللهمَّ أسقِنا إسقاءً رَواء». نقله الأزهري عن أبي زيد في «التهذيب» (٩/ ٢٣١). وفي الأصل والمطبوع: «استقا».
(٥) من هامش النسخة.
(٦) من هنا إلى آخر بيت لبيد منقول من «الصحاح» (عطن).