للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعيرَه إذا لم يشرب، فردَّه إلى العطَنِ ينتظر به. قال لبيد:

عافتا الماءَ فلم نُعطِنهما ... إنما يُعطِن مَن يرجو العَلَلْ (١)

وتوسَّعوا في ذلك حتَّى قالوا لمرابض الغنم حول الماء: معاطن.

والصواب أنَّ الأماكن التي تقيم بها مراد من الحديث (٢) كما نصَّ أحمد؛ لأنَّ في بعض ألفاظ الحديث أنَّ السائل قال: أنُصلِّي في مبارك الإبل؟ (٣) قال: والمبارك: التي يكثر بروكُها فيها. والمواضع التي تقيم بها أولى بهذ الاسم من مصادرها. ولأنه قابَلَ بين مَعاطن الإبل ومُراح الغنم ومَرابضها، فعُلِمَ أن المعاطن للإبل بمثابة المُراح والمرابض للغنم. ومُراح [الغنم] (٤): ما تقيم فيه وتأوي إليه، فكذلك معاطن الإبل.

ولأنه إذا نُهي عن الصلاة في المواضع التي تقيم بها ساعةً أو ساعتين، فالمواضعُ التي تبيت بها وتأوي إليها أولى بهذا الحكم. فإما أن يكون الحكم أريد في مبيتها بطريق الفحوى والتنبيه [ص ١٦٦] أو يكونوا قد توسَّعوا في العطَن حتى جعلوه اسمًا لكلِّ مأوى لها، كما توسَّعوا فيه حتى جعلوا للغنم أعطانًا وللناس أعطانًا. فإذا قلنا: إنه لا تجوز الصلاة فيما تقيم فيه وتأوي إليه كما نصَّ عليه جازت في مصادرها عند الشرب، فيما ذكره من رجَّح هذا القول من أصحابنا.


(١) «شرح ديوان لبيد» (ص ١٨٥). وفي الأصل: «يعطنهما»، تصحيف.
(٢) كذا في الأصل والمطبوع.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.