للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يبيِّن أن القاضي إنما اشترط البناء الشاخص في موضع لم يكن بين يديه شيء من العرصة، وأنَّ المشروط عنده أحد أمرين: شيء من أرض السطح أو البناء؛ كما أنه في الصلاة إلى الباب اعتبر أحد أمرين: إمَّا كون الباب سترةً له، أو كون شيء من العرصة بين يديه. وهذا إيضاح وتبيين؛ لأنه يلزم من كون الباب والسترة بين يديه أن يكون بين يديه شيء [ص ١٧٨] من العرصة.

ووجه ذلك أنَّ الواجب استقبال هوائها دون بنائها، بدليل المصلِّي على أبي قبيس وغيره من الجبال العالية، فإنه إنما يستقبل الهواء لا البناء، بدليل ما لو انتقضت الكعبة ــ والعياذ بالله ــ فإنه يكفيه استقبال العرصة والهواء. فعلى هذا إذا صلَّى في الحِجْر وهو مستدبر البناء أو مستقبل الممرِّ، وقلنا: إن استقبال الحِجْر جائز، فيجب أن يجزئه. وفيه قبح.

والأول أصحُّ؛ لما تقدَّم من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «سبعة مواطن لا تجوز الصلاة فيها». وعَدَّ منها «فوق ظهر بيت الله». وفي لفظ: «ظاهر بيت الله» (١).

وعن عمر - رضي الله عنه - أنه نهى عن الصلاة على ظهر الكعبة (٢). ذكره القاضي.

فلو لم تجب الصلاة إلى شيء شاخص مرتفع لم يكن بين ظاهر بيت الله وباطنه فرق. بل هذا نصٌّ في منع الصلاة فوق ظهر بيت الله.

ولا يجوز أن يحمل على ما إذا سجد على منتهى الكعبة؛ لأن الحديث


(١) تقدم تخريجه.
(٢) لم أقف عليه.