للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هدم الكعبة وبناها، وذكر الحديث إلى أن قال: فما ترجَّلت الشمس حتى ألصقها كلَّها بالأرض من جوانبها جميعًا. وكان هدمُها يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين. ولم يقرَب ابن عباس - رضي الله عنه - مكةَ حين هُدمت الكعبة [ص ١٨٠] حتَّى فُرِغ منها. وأرسل إلى ابن الزبير: لا تدع الناس بغير قبلة. انصِبْ لهم حول الكعبة الخشبَ، واجعل عليها الستورَ حتى يطوف الناس من ورائها، ويصلُّوا (١) إليها. ففعل ذلك ابن الزبير - رضي الله عنهما - وذكر الحديث.

وقد رواه مسلم في «صحيحه» (٢) عن عطاء في قصة ابن الزبير لما هدم البيت وأعاده على قواعد إبراهيم قال: فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدةً، فستَّر (٣) عليها الستور، حتَّى ارتفع بناؤه.

وهذا من ابن عباس وابن الزبير - رضي الله عنهم - دليل على أن القبلة التي يطاف بها ويصلَّى إليها لا بد أن تكون شيئًا منصوبًا شاخصًا، وأن العرصة ليست قبلة. ولم يُنقل أنَّ أحدًا من السلف خالف ذلك ولا أنكره.

نعم، لو فُرِض أنه قد تعذَّر نصبُ شيء من الأشياء موضعَها بأن يقع ذلك إذا هدمها ذو السويقتين من الحبشة في آخر الزمان (٤)، فهنا ينبغي أن يكتفى حينئذ باستقبال العرصة، كما يكفي المصلِّيَ أن يخُطَّ خطًّا إذا لم يجد سترة،


(١) في الأصل والمطبوع: «ويصلُّون». ولعل الألف بعد الواو تحرفت إلى النون. وفي «أخبار مكة» كما أثبت.
(٢) برقم (١٣٣٣).
(٣) في الأصل والمطبوع: «يستر»، وهو تصحيف ما أثبت من «الصحيح».
(٤) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (١٥٩١) ومسلم (٢٩٠٩).