للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنَّ قواعد إبراهيم كالخطِّ، ولأنه فرضٌ قد عجز عنه، فيسقط بالتعذُّر كغيره من الفروض.

ولا يلزم من الاكتفاء بالعرصة عند [تعذّر] (١) استقبال البناء الاكتفاءُ بها عند القدرة على استقبال البناء، لأن فرض استقبال القبلة يسقط بالعجز كالخائف والمحبوس بين حائطين وغيرهما. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتم» (٢). ولا يمتنع الصلاة في شيء من الأوقات ولا الطوافُ بالبيت لعدم البناء أصلًا إذا تعذَّر في تلك الساعة الطواف والصلاة إلى بناء، كما لا يمتنع الصلاة لتعذُّر شيء من شروطها وأركانها.

وذكر ابن عقيل وغيره من أصحابنا أنَّ البناء إذا زال صحَّت الصلاة إلى هواء البيت، مع قولهم: إنه لا يصلي على ظهر الكعبة. ومن قال هذا يفرِّق بأنه إذا زال لم يبق هناك شيء شاخص مستقبَل، بخلاف ما إذا كان هناك قبلة تُستقبَل. ولا يلزم من سقوط استقبال الشيء الشاخص إذا كان معدومًا سقوطُ استقباله إذا كان موجودًا، كما فرَّقنا نحن بين حال إمكان نصب شيء، وحال تعذُّر ذلك؛ وكما يفرَّق في سائر الشرائط بين حال الوجود والعدم، والقدرة والعجز.

فإذا قلنا: لا بد من الصلاة إلى شيء شاخص فإنه يكفي شخوصه، ولو أنه شيء يسير كالعتبة التي للباب. قاله ابن عقيل.

وقال أبو الحسن [ص ١٨١] الآمدي: لا يجوز أن يصلي إلى الباب إذا كان مفتوحًا، لكن إن كان بين يديه شيء منصوب كالسترة صحَّت الصلاة.


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) سبق تخريجه.