للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنه قد تيسَّر عليه الاستقبال حين (١) الافتتاح، فأشبه الماشي. وأيضًا فإنَّ الاستقبال شرط من شروط الصلاة، فمتى أتى به في أوله جاز أن يستصحب حكمه إلى آخرها إذا شقَّ استصحابُ حقيقته كالنية.

وإذا استفتح الصلاة إلى القبلة تمَّمَ (٢) الصلاةَ إلى جهة مسيره. فإن كان سيره يختلف، فينحرف فيه تارةً إلى جهة، ثم ينحرف عنها إلى جهة أخرى، كان على صلاته؛ لأنَّ قبلته جهة سيره، فأيُّهما ولَّى سيرَه إليه فذاك قبلته. هكذا ذكره القاضي وغيره من أصحابنا. وعلى هذا، فلا فرق بين راكب التعاسيف (٣) وغيره. ومن أصحابنا من قال: لا تباح الصلاة لراكب التعاسيف، لأنه ليس له صَوب معين.

وإذا عدل راحلته عن جهة سيره، فإن كان إلى جهة القبلة لم تبطل صلاته، لأنها القبلة الأصلية. وإن عدل إلى غيرها فقال أصحابنا: تبطل صلاته سواء عدَّلها هو، أو عدلت هي فلم يردُدْها مع قدرته على ذلك، لأن جهة سيره هي قبلته، وقد تركها عمدًا.

وإن عدلت لغفلته أو نومه، أو عجز عن ضبطها أو عدلها ظنًّا أنها جهة سيره، لم تبطل صلاته، سواءٌ تمادى به أولم يتماد به، إلا أن يتمادى به بعد


(١) في المطبوع: «حيث»، تصحيف.
(٢) في المطبوع: «ثم»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٣) في الأصل: «التعاسف». وراكبها هو الذي يركب الفلاة ويقطعها على غير صوب. انظر: الإنصاف (٣/ ٣٢٦). وفسَّره الرافعي في «فتح العزيز» (٣/ ٢١٥) بأنه الهائم الذي يستقبل تارة ويستدبر أخرى إذ ليس له صوب معيَّن. وفرَّق البهوتي في «كشاف القناع» (١/ ٥٠٦) بينه وبين الهائم بأنه إن سلك طريقًا مسلوكًا فهو هائم وإلا فهو راكب التعاسيف.