ولأنه لو أدركته الصلاة حال المسايفة وجب عليه أن يصلِّي في الحال إلى غير القبلة، وإن كان بقتاله مجتهدًا في الأمن الذي يقدر به على استقبال القبلة.
فإن قيل: أمَّا إن كان زمن الاجتهاد يطول، فما [ص ٢١٥] ذكرتموه ظاهر، لأنه قد تقدَّم أنَّ الشروط كلَّها متى كان الاشتغال بتحصيلها من أول الوقت تفوت معه الصلاة لم يجُز تفويت الصلاة لأجلها. وأما إن كان زمن الاجتهاد قريبًا، مثل رجل استيقظ قبيل طلوع الشمس، فقد قلتم في مثل هذا: إنه يشتغل بأسباب التوضّؤ واللبس وإن فات الوقت، لأنَّ ذلك وقته.
قلنا: الخلاف في هذه الصورة أقرب. والفرق بين القبلة وغيرها أنَّ أمرها خفيف يسقط في حال الخوف وفي صلاة التطوع في السفر من غير إعادة بالإجماع، ويسقط بالجهل كأهل قباء ومن تحرَّى فأخطأ. ولأنَّ المقلِّد عامل بطريق وإن كان أضعف الطريقين {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥].
وأما المفتي والحاكم، فليس للاجتهاد به وقت محدود في الشرع، ولم يتعيَّن على هذا الحاكم والمفتي. ومتى تبيَّن له أنه خالف النصَّ نقض حكمه وفتياه، ولا يجوز له العمل بخلاف النصِّ في وقت من الأوقات.
واستقبال الكعبة يسقط بالجهل والعجز من غير إعادة، وفي القبلة إذا استوت عنده الجهات صلَّى إلى أي جهة شاء. والعالم إذا استوت عنده الأقوال لم يجُز له أن يفتي أو يحكم بشيء. وذلك لأنَّ العالم قد أُخِذ عليه أن