للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالجاهل بدلائل القبلة إذا تعذَّر عليه التقليد، وكالأعمى إذا تعذَّر عليه التقليد= وجماعُ ذلك أن تستوي الجهات عند المكلَّف، فلا يترجَّح بعضها على بعض باجتهاد ولا تقليد، فهذا يصلِّي على حسب حاله إلى أيِّ جهة شاء، ويسقط عنه فرضُ استقبال جهة معينة. هذا هو المذهب.

وعلى الوجه الذي ذكره أبو بكر الدينوري (١)، عليه أن يصلِّي أربع صلوات إلى أربع جهات.

وعلى المذهب، هل يُستحَبُّ أن يصلِّي أربعَ صلوات؟ قال ابن عقيل: الأحوط أن يصلِّي أربعَ صلوات. وظاهر كلام أحمد وأكثر أصحابنا أنَّ هذا لا يستحب، بل يعيد.

قال أبو بكر: فيه قولان، يعني روايتين. أحدهما: لا يعيد، لأنه لم يكلَّف غير هذا. والثاني: يعيد، لأنه دخل في الصلاة بغير دليل. ولذلك خرَّجها القاضي على الروايتين فيمن عدم الماء والتراب. وقال ابن حامد: إن أخطأ أعاد، وإن أصاب فعلى وجهين (٢).

فإن قلنا: يعيد مطلقًا، فلأنه ترك المفروض عليه في الاستقبال بعذر نادر غير متصل، فأشبه الحائضَ إذا تركت الصوم، ومَن عدم الماء والتراب، لأنه وإن أصاب فذاك على وجه البَخْت (٣) والاتفاق، وذلك لا يكفي.

وإن قلنا: يعيد إن أخطأ فقط، فلأنَّ المقصود استقبال القبلة، وقد


(١) تقدَّم قريبًا.
(٢) انظر: «المستوعب» (١/ ١٦٩) و «المغني» (٢/ ١١٤).
(٣) تصحَّف في الأصل إلى «البحث»، وكذا في المطبوع.