للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يفسخها لا يزال له فسخُها (١)، فهو مستصحِب لحكمها.

والمنصوص عن أحمد يشبه ذلك، فإنه سئل عن الذي يخرج من بيته يوم الجمعة ينوي. قال: خروجُه من بيته نية. وقال (٢): إذا خرج الرجل من بيته فهو نيته. أفتراه كبَّر وهو لا ينوي الصلاة!

ووجه ذلك: أنها عبادة موقتة، فجاز تقديمها في أول الوقت المضاف إليها كالصوم وأولى، لأنَّ الصلاة تجب بأول وقتها، والصوم إذا غربت الشمس، فإنما تدخل الليلة المضافة إلى اليوم. ولأنه إذا نوى من حين الوجوب فقد قصَد امتثالَ الأمر بعد توجُّهه إليه، ولم يفسخ هذا القصد، فكان قصدًا صحيحًا كالمقارن.

ولأنَّ من أصلنا أنَّ ما يتقدَّم العقودَ من الشروط والصفات، فإنَّ العقد يقع على موجبه ما لم يفسخه المتعاقدان، فكذلك ما يتقدَّم عقودَ العبادات وأولى، فإنه إذا لم يكن فرق بين الشرط المقترن بالعقد والمتقدِّم عليه بزمن طويل أو قصير، إذا لم يفسخ ذلك الشرط؛ فكذلك لا فرق بين القصد المقترن بفعل [ص ٢٢٩] العبادة والمتقدِّم عليها، لأنَّ بقاء القصد هنا ثابت بلاريب، وهناك بقاء الحكم المشروط قد يرجع عنه أحد المتعاقدين، لأنَّ حكم الإرادات المعتقدة لا يزول إلا بفسخ تلك الاعتقادات؛ بل يترتَّب عليها الثواب والعقاب في كلِّ وقت، كما أنَّ حكم العلوم المعتقدة (٣) كذلك. ولذلك يوصف الرجل بالاعتقاد للعلم والاعتقاد للعمل حتَّى يقال: هو


(١) في الأصل: «يزاد له بفسخها»، والمثبت من المطبوع.
(٢) في رواية أبي طالب وغيره. انظر: «الفروع» (٢/ ١٣٨).
(٣) غيَّره في المطبوع إلى «المعلوم المعتقد» دون تنبيه.