للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأتي الصلاةَ طامعًا في إدراكها.

ولا فرق فيما ذكرناه من كراهة الإسراع لمن رجا الإدراك بين الجمعة وغيرها، لعموم الحديث.

وقد روى الحسن عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأناة من الله، والعجلة من الشيطان» (١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ فيك لَخَلَّتين يحبُّهما الله: الحلم والأناة» رواه مسلم (٢).

وكان قد استأنى في دخوله على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دون رجال قومه. وأصلُ ذلك في قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣]. قال الحسن وغيره: سكينة ووقار (٣). وقال لقمان في وصيته لابنه {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: ١٩].

ولأنَّ الإسراع الشديد يذهب بالحلم، ويغيِّر العقل والرأي، فكُرِه لما فيه


(١) أخرجه من طريق الحسن مرسلًا بإسناد ليّن الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (٦٨٧) وفيه: «إن التبين من الله والعجلة من الشيطان فتبينوا»، ويشهد له حديث سهل بن سعد عند الترمذي (٢٠١٢) بلفظ الشارح سواء، وحديث أنس بن مالك عند الحارث «بغية الباحث» (٨٦٨)، فالحديث حسن بمجموع طرقه، وانظر: «المقاصد الحسنة» (٣١٢).
(٢) برقم (٥٦٠).
(٣) ومثله في «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٥٦٥). وهو تفسير مجاهد وعكرمة وغيرهما. ولفظ الحسن: «علماء حلماء لا يجهلون»، وهو راجع إلى الوقار أيضًا. انظر: «تفسير الطبري» (١٧/ ٤٩٢).