الإمام أملك بالإقامة. فإذا أقيمت الصلاة فقد دخل الوقت الذي عيَّنه الإمام، وهو وقت مضيَّق، لأنه حينَ فعلِ الصلاة لا يمكن الاشتغال بعبادة أخرى. فأيُّما صلاةٍ صُلِّيت بعد الإقامة كانت كأنها هي الصلاة المأمور بها المشروعة حينئذ، لأنَّ ذلك الوقت لا يتسعُ لغير ما أُمِرَ به. فمن صلَّى بعد ذلك غيرَ المكتوبة، فكأنه زاد في المكتوبة، أو صلَّاها مرَّتين. ولهذا ــ والله أعلم ــ أشار صلى الله [ص ٢٣٩] عليه وسلم بقوله: «آلصبحَ أربعًا؟» وبقوله: «بأيِّ صلاةٍ اعتددتَ؟ بصلاتك وحدك، أو بصلاتك معنا؟»، إذ لا صلاة بعد الإقامة إلا ما دعي إليه بالإقامة.
وأيضًا فإنَّ السنن يمكن أن تفعل بعد الفريضة قضاءً؛ وما يفوته من إدراك حدِّ الصلاة، وما يفوته من الصلاة خلف الإمام ولو بعد ركعة جماعة، لا يُستدرَك بالقضاء. فكانت المحافظة على ما لا يُستدرَك أولى من المحافظة على ما يمكن استدراكه.
ولأنَّ ما يدركه من تكبيرة الافتتاح والتأمين والركوع أفضل من جميع التطوعات، لما ورد في فضل من أدرك حدَّ الصلاة، ومن أدرك التأمين مع الإمام.
ولأنَّ الاشتغال بإجابة المؤذن أولى من الاشتغال بالنافلة على ما تقدَّم، لكون ذلك وقت الإجابة. فلأن يكون الاشتغالُ بما دعي إليه أولى من النافلة بطريق الأَولى.
فان كان قد شرَع في النافلة، وأقيمت الصلاة، أتمَّها إن رجا إتمامَها وإدراكَ الجماعة. وإن خشي إذا أتمَّها أن تفوته الجماعة قطعها في إحدى الروايتين، لأنَّ الفرائض أهمُّ؛ فإنَّ الجماعة واجبة، وإتمام النافلة ليس