للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ظاهر كلامه في رواية حرب (١): رفع اليدين مع التكبير, فإن الرفع لا يدخل فيه الوضع والإرسال, وعلى هذا فقد يحتاج أن يثبتهما مرفوعتين إذا طوَّل التكبير, حتى يفرغ (٢). وإن جزم التكبير لم يحتج إلى ذلك. وهذا قول القاضي والآمدي وغيرهما من أصحابنا, لأن قوله: «يرفع يديه مع التكبير» «ورفع يديه حين يكبر» يوجب ذلك. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفعهما مع التكبير (٣).

وإن رفعهما، ثم كبَّر، وهما مرفوعتان، ثم أرسلهما= جاز, كما اختاره أبو إسحاق، لما تقدَّم من حديث ابن عمر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه, ثم يكبِّر (٤).

وإنما (٥) اخترنا الأول، لأن الرفع هيئة التكبير, فكان معه كسائر الهيئات. ولهذا لم يستحب أن تبقى بعده. وأما إثباتهما مرفوعتين بعد التكبير فلا يستحب, وإن فعَله جاز.


(١) انظر: «مسائله» (ص ٣٦٨).
(٢) في الأصل: «يفرقه»، وفي المطبوع: «يفرق»، ولعله تحريف ما أثبت.
(٣) أخرجه حرب في «المسائل» (ص ٣٦٩) من طريق محمد بن الوزير، ثنا الوليد بن مسلم، قال: قال الأوزاعي: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[كان] يرفعهما مع التكبير. قال ابن رجب في «فتح الباري» (٤/ ٣٠٠): «علة هذا الحديث أنه روي مرسلًا، والوليد لم يسمعه من الأوزاعي، بل دلسه عنه»، ونقل في موضع سابق (٤/ ٢٩٨) عن أحمد إنكاره هذا الحديث على الوليد.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) في الأصل والمطبوع: «وإن».