للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لو كان المقصود أن يبتدئ القراءة بسورة أم الكتاب, لم تكن فيه فائدة, لأن هذا من العلم العام, مثل كون قراءة الليل يجهر بها وقراءة النهار يخافت بها, وسنَّة ذلك. وفي حديث قتادة: أنهم سألوا أنسًا عن ذلك, من توهم بعض الرواة, فقال قولًا عظيمًا (١)؛ لأن في الحديث ذكر لفظ أنس في قوله: «لم يكونوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها». وهذه زيادة على الرواية الأخرى, ثم قد رواه عن أنس جماعة, كلٌّ منهم يؤدِّي لفظًا صريحًا غير الآخر. ومن تتبَّع طرق الحديث علِم ذلك.

وأما الحديث الآخر، إن كان محفوظًا، فالظاهر: أن السائل سأل أنسًا عن قراءتها سرًّا, فلم يكن إذ ذاك يعلم ذلك, وإنما كان الذي يعلمه أنهم لا يجهرون بها, وعلِم من طريق آخر أنهم كانوا يسرُّون بها, فرواه في وقت آخر, إن كانت مسألته لأنس قديمًا. وإن كان ذلك حديثًا, فلعل أنسًا قد نسي؛ لأنه كان في آخر عمره. وسعيد بن يزيد (٢) [ ... ] (٣). وبكل حال: مثل هذا لا يصلح أن يعارض الروايات المستفيضة عنه.

وأيضًا مما روى أبو الجوزاء عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاةَ بالتكبير، والقراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} رواه أحمد ومسلم (٤) , وقد تقدم الكلام على تأويله بالسورة.


(١) لعل في العبارة سقطًا. يعني: من ظنَّه من توهم بعض الرواة قال قولًا عظيمًا.
(٢) في الأصل: «زيد»، تحريف. وقد سبق مثله.
(٣) بياض في الأصل بقدر أربع كلمات.
(٤) أحمد (٢٤٠٣٠)، ومسلم (٤٩٨)، وأبو داود (٧٨٣)، وابن ماجه (٨١٢).