للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: قوله: «بالحمد لله رب العالمين» أراد به السورة, يعني: أنه كان يقرأ الفاتحة قبل السورة؛ والروايات الصريحة لعلها من بعض الرواة رواها بما فهمه من المعنى. يدل على ذلك ما روى سعيد بن يزيد (١) عن أبي مسلمة (٢) قال: سألتُ أنسًا: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم, أو الحمد لله رب العالمين؟ قال: إنك تسألني [عن شيء] (٣) ما أحفظه, ولا سألني عنه أحد قطُّ قبلك. رواه أحمد، والترمذي وصححه، والنسائي (٤). وإسناده شرط (٥) الصحيحين, وقال الدارقطني: إسناده صحيح.

قلنا: هذا التأويل لا يصح لو تجرد عن الروايات الصريحة، لأنه لو أراد السورة لذكرها باسمها, فقال: «بالفاتحة» أو «أم الكتاب» أو «أم القرآن» كما عادتهم في سائر الخطاب, [أو سمَّاها] (٦) بالحمد بأول كلمة منها, كما تقول: سورة «والعاديات»، وسورة «اقرأ» ونحو ذلك [ص ٢٦٨] كما عرف أهل زماننا. فأما تسميتها «الحمد لله رب العالمين» بالجملة جميعها, فليس يُعرَف في اللسان قديمًا ولا حديثًا.


(١) في الأصل والمطبوع: «زيد»، تحريف.
(٢) كذا في الأصل والمطبوع، وسعيد بن يزيد هو أبو سلمة.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
(٤) أحمد (١٢٧٠٠)، والدارقطني (١/ ٣١٦)، من طريق غسان بن مضر، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، قال: سألت أنسًا به.
قال الدراقطني: «هذا إسناد صحيح»، ولم أقف عليه من هذا الوجه بهذا السياق عند الترمذي والنسائي.
(٥) في المطبوع: «على شرط». زاد «على» دون تنبيه وبلا داع.
(٦) في الأصل والمطبوع: «فأما تسميتها». والظاهر أنه سهو لانتقال النظر.