للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية [ص ٢٦٩] لابن شاهين: فإني صلَّيتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يقرؤون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١). وهذا ــ مع أنه نص في عدم الجهر بها ــ فيه بيان أن قولهم (٢): «الحمد لله رب العالمين» إنما كانوا يعنُون به الآية وما بعدها، ولا يعنُون أنه كان يبتدئ بالفاتحة المسمَّاة بالحمد لله رب العالمين.

والذي يحقِّق ذلك مما تقدَّم أن أنسًا وعبد الله بن مغفَّل وأم الحصين (٣) وغيرهم, ممن أطلق إنما كان يروي ذلك لموضع الشبهة واللبس لمَّا اختلفوا في آخر عصر الصحابة. فمن الناس من كان يجهر بها, ومنهم من كان يخفيها, فاحتاج الناس إلى استعلام السنَّة والرجوع إلى الصحابة في ذلك.

فأما أن الفاتحة تقرأ قبل غيرها، فلم يكن عند أحد في ذلك شبهة, ولا يحتاج أن يروي عن فلان أو فلان, أو يحتجَّ بسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين (٤) على من خالفه؛ حتَّى لو فرضنا أن المراد أنهم كانوا يفتتحون بالسورة, فإنَّ البسملة ليست من السورة, على ما سنذكر إن شاء الله تعالى.

وأيضًا حديث: «قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ... » على ما سنذكره, فإنه كالنصِّ في أنه لا يُجهَر بها.


(١) أخرجه البخاري في «القراءة خلف الإمام» (٨٣)، والخطيب في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (٢/ ٣٦١).
(٢) في المطبوع: «قوله»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٣) في الأصل: «الجعبين»، تصحيف.
(٤) في الأصل والمطبوع: «خلفاؤه الراشدون»، وهو خطأ نبَّه عليه الناسخ.