للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أنَّ الخلاف هنا شاذّ مسبوق بالإجماع قبله.

الثالث: أن الخروج من الخلاف في هذه المسائل لا سبيل إليه, فإن أكثر الناس ينهون عن القراءة ويرون ذلك مما ينقص (١) الصلاة, فرعايتهم في الاختلاف أولى.

وأما الحديث المذكور (٢)، فقد ضعَّفه الإمام أحمد وغيره، وقال: لا يصح عندنا. وقد وقفه رجاء بن حيوة على عُبادة (٣) , وهو أشبه بالصحة. والإسناد الذي وثّقه (٤) الدارقطني قد طعن فيه جماعة (٥). وبالجملة فإسناده لو تجرَّد عن معارض لكان مقارب الحال, لكن اختلف (٦) الرواة في الإسناد وقفًا ورفعًا, ومن وقفه [ص ٢٨١] أوثق ممن رفعه. واختلافهم في رجاله (٧) أوجب علَّةً في الحديث مع معارضة الأحاديث التي هي صحيحة.

وبكلِّ حال، فما صحَّ في هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه، فمعناه ــ والله أعلم ــ: لا تقرؤوا في صلاة الجهر إلا بأم الكتاب في حال سكتات الإمام, لا في حال جهره. وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له سكتتان أو ثلاثة, تتسع لقراءة الفاتحة فيها, فلا يحتاجون إلى القراءة في غيرها.


(١) في المطبوع: «ينتقص»، والمثبت من الأصل.
(٢) سيأتي لفظه (ص ٧٣٣).
(٣) الرواية الموقوفة أخرجها ابن أبي شيبة (٣٧٩١).
(٤) في الأصل والمطبوع: «وقفه»، ولعل الصواب ما أثبت، انظر: «سنن الدارقطني»: (١/ ٣١٩، ٣٢٠).
(٥) انظر «التمهيد» (١١/ ٤٦)، و «التحقيق» لابن الجوزي (١/ ٣٦٨ - ٣٦٩).
(٦) في الأصل: «اختلاف»، والمثبت من حاشية الناسخ.
(٧) في الأصل: «وفي رجاله» مع ثلاث نقط على الواو. ولا شك أنَّ الواو مقحمة.