للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك (١) قصَرهم على الفاتحة، لعلمه بأن زمن السكتات لا يتسع لغيرها, بخلاف صلاة السرِّ فإنها تتسع لأكثر من ذلك. ولهذا قال أبو سلمة: «للإمام سكتتان, فاغتنم القراءة فيهما» (٢). أو لعل هذا كان مقصوده, فرواه بعض الرواة بالمعنى. وبيَّن (٣) ذلك أن قراءة غير الفاتحة لا تُشرَع في حال جهر الإمام, مع أنه سنة مؤكَّدة للإمام والمنفرد, فإذ (٤) نهي عن هذه السنة المؤكدة وسقط اعتياضًا بالاستماع الواجب, جاز أن تسقط الفاتحة الواجبة اعتياضًا بالاستماع الواجب.

وحمل بعضهم القراءة خلف الإمام على الحال الذي كانوا يقضُون ما فاتهم، ثم يتابعون الإمام. ثم نُسِخ ذلك.

فصل

فأما القراءة في حال إسرار الإمام، فتستَحبُّ، لأنه غير مشغول عنها باستماع, ولا يشغل غيره عن الاستماع, والسكوت في الصلاة غير مشروع. ولأنَّ تلاوة القرآن في الصلاة من أفضل الأعمال, فهي أولى بالاستحباب من غيره. ولأنَّ الإمام إذا أسرَّ يحتمل أنه لا يقرأ لنسيان أو غيره, فلا يسقط الفرض عن المأموم حتى يقرأ لنفسه. والقراءة في حال الجهر إنما جاءت (٥) لأنها تشغل


(١) في الأصل: «وذلك»، والمثبت من حاشية الناسخ.
(٢) أخرجه البخاري في «القراءة خلف الإمام» (١٣١).
(٣) كذا في الأصل والمطبوع. ولعل الصواب: «يبيِّن».
(٤) في الأصل والمطبوع: «فإذا».
(٥) كذا في الأصل، وفوقه ثلاث نقط علامة الإشكال. ومقتضى السياق: «إنما جاء النهي عنها».