للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: صلَّيتُ إلى جانب عبد الله بن عمرو (١) , فسمعته يقرأ خلف الإمام في صلاة الظهر من سورة مريم. وفي رواية: كان ابن عمرو (٢) لا يقرأ (٣). رواهما سعيد.

قلنا: ليس في شيء من الحديث عنهم أنهم أوجبوا القراءة على المأموم, وإنما كان بعضهم يستحبُّ القراءة ويراها, وبعضهم لا يستحبها, وبعضهم لا يفعلها, كاختلافهم في الصوم والفطر في السفر. ولو كانت القراءة واجبة على المأموم وجوبَها على الإمام, لأفصحوا بذلك وبيَّنوه, ولم يفسِّروا حديث النبي بأن قراءة الإمام تكفي المأموم.

وأيضًا فلعل من شدَّد في ترك القراءة لما بلغه أن أناسًا يرونها واجبة, حتَّى إنهم يقرؤون مع جهر الإمام, فبالغ في الإنكار عليهم, بأن أمر بتركها بالكلِّية؛ ليتبيَّن للناس أنها ليست واجبة. كما أمر بعضهم من صام في السفر بالقضاء, لما رأى منه تعظيمًا للفطر في رمضان, وضربًا من الغلوِّ في الدين. وكما أنكر بعضهم على من يرى الاستنجاء بالماء، لما رأى من محافظتهم على الماء محافظةَ من يعتقد وجوبه. وكما قال بعضهم: «صلاة السفر ركعتان, من خالف السنَّة كفر» (٤) يعني: من اعتقد أن ركعتين لا تُجزئانه.


(١) في الأصل: «عمر»، والتصحيح من «الأوسط» (٣/ ١٠٣). وقد تقدم قريبًا.
(٢) هنا أيضًا في الأصل والمطبوع: «عمر».
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه من قول عبد الله بن عمر: الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/ ٤٢٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ١٤٠).