للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به, فإذا كبَّر فكبِّروا, وإذا قرأ فأنصتوا» رواه الخمسة (١) إلا الترمذي. وقال مسلم: هو عندي صحيح. وصحَّح (٢) هذين الحديثين أحمد، واعتمد عليهما.

وهذا أمرٌ بالإنصات عن الفاتحة وغيرها. ولو كانوا مأمورين بالإنصات إلا حال قراءتهم الفاتحة لوجب بيان ذلك, فإنَّ مثل هذا الكلام لا يجوز إطلاقه وتعميمه لقوم يراد تعلُّمُهم من غير تفسير، لاسيَّما وهم لا يفهمون الإنصات عن القراءة المشروعة في الصلاة, وأعظمُ القراءة المشروعة قراءة الفاتحة.

وعن ابن شهاب (٣) عن ابن أُكَيمة (٤) الليثي عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهَر فيها بالقراءة, فقال: «هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفًا؟». فقال رجل: نعم يا رسول الله. فقال: «إني أقول: ما لي أنازَع القرآنَ؟». قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يجهَر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلوات بالقراءة, حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه الخمسة (٥) إلا ابن ماجه. وقال الترمذي: حديث حسن. وفي رواية


(١) أحمد (٨٨٨٩)، وأبو داود (٦٠٤)، والنسائي (٩٢١)، وابن ماجه (٨٤٦).
وصححه مسلم عقب الحديث (٤٠٤)، وانظر تخريج الحديث السابق.
(٢) في الأصل: «صحيح صحيح وصحيح»، والظاهر أن الثانية مكررة، والثالثة صوابها: «صحَّح» كما في المطبوع.
(٣) في الأصل: «أبي شهاب»، تصحيف.
(٤) في الأصل: «ابن أبي أكيمة»، والصواب ما أثبت.
(٥) أحمد (٧٨١٩)، وأبو داود (٨٢٦)، والترمذي (٣١٢)، والنسائي (٩١٩).
قال الترمذي: «هذا حديث حسن»، وصححه ابن حبان (١٨٤٣)، وابن أكيمة الليثي وثقه قوم وجهله آخرون، وقد روى عنه غير واحد، كما في ترجمته من «تهذيب التهذيب» (٣/ ٢٠٦).
وقد أعل الحديث طائفة ــ كالحميدي وابن خزيمة والبيهقي ــ بتفرد ابن أكيمة مع جهالته، وبمخالفة حديث أبي هريرة في وجوب قراءة الفاتحة، انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (٢/ ١٥٨)، «البدر المنير» (٣/ ٥٤٢ - ٥٤٦).
وقوله: «فانتهى الناس» إلخ، اتفق الحفاظ المتقدمون ــ الذهلي، والبخاري، وأبو داود، والبيهقي ــ على أنها مدرجة من كلام الزهري، انظر: «معرفة السنن» (٣/ ٧٥).