للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظًا مجملًا وفسَّره بمعنى، وجبَ الرجوعُ إلى تفسيره؛ لأنه أعلم باللغة، ولأنه يدري (١) بقرائن الأحوال من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما يَعْلَم به قصدَه، وقرائنُ الأحوال في الغالب لا يمكن نقلها، ولأنه شَهِد التنزيلَ وحَضَر التأويلَ وشاهَدَ الرسولَ، فيكون أعلم بما لم ينقله ويرويه (٢)، فكيف بما قد نقله ورواه؟!

ولهذا رُجِع إلى (٣) ابنِ عمر في تفسيره التفرُّق أنه التفرق بالأبدان لمَّا روى حديثَ: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا» (٤) لاسيما والراوي هو ابن عمر، وكان في اتباعه للسنة وتحرِّيه لدينه بالمكان الذي لا يخفى، وتفسيرُه مقدَّم على تفسير غيره ممن هو بعده في الفقه واللغة.

الثاني: من جهة اللغة، فإنهم يقولون: قَدَرْتُ الشيءَ أقدُرُه وأقدِره قدْرًا، بمعنى قدَّرته أقدِّره تقديرًا، يقولون: قَدَر اللهُ هذا الأمر وقَدَّره من القضاء، وقَدَرْتَ الشيءَ وقَدَّرته من الحساب، وقَدَر على عياله قَدْرًا مثل قَتَر، وقُدِر على الإنسان رزقُه مثل قُتِر.


(١) س: «يدرك».
(٢) س: «بما ينقله ويرويه». وما في ق هو الموافق للمعنى، والمقصود بما لم ينقله، أي من قرائن الأحوال التي لا يمكن نقلها.
(٣) «إلى» سقطت من س والمطبوع، والمثبت من ق وهو المناسب للسياق، وينظر «التحقيق»: (٢/ ٧٢) لابن الجوزي.
(٤) أخرجه البخاري (٢١٠٩)، ومسلم (١٥٣١). وتفسير ابنُ عمر للتفرق بأنه التفرّق بالأبدان رواه البخاري (٢١١٦) عنه بلفظ: «بعتُ من أمير المؤمنين عثمان بن عفان مالًا بالوادي بمال له بخيبر، فلما تبايعنا رجعتُ على عقبي حتى خرجت من بيته خشيةَ أن يُرادّني البيع، وكانت السنة: أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا».